بعيدا عن الأرقام الفلكية والتقارير الخيالية لوزارة الإقتصاد والمالية، وصلت نسبة الدين الخارجي إلى 106٪ من ناتجنا القومي قد يتساءل البعض كيف استطاعت الديون أن تصل إلى هذا الحد في الوقت الذي يفترض أن لا تزيد نسبة المديونية على 70٪ لدولة مثل موريتانيا أو 50٪ كحد أقصى لبعض الدول الأخرى المجاورة.
أعزائي الكرام بعد إكتشاف الغاز في بلادنا أصبح الكل على إستعداد تام لتقديم القروض لنا دون قيد أو شرط، وفي ظل سياسات حكومتنا الموقرة وصل الدّٙين الخارجي إلى هذه النسبة وربما يزيد في الأيام القليلة القادمة، قد يخرج علينا أحدهم ليقول أن معظم هذه الديون هي ديون دولة الكويت من أيام تأسيس الدولة ولكن هذا غير صحيح ديون الكويت لا تتجاوز 21٪ وقد وصلت إلى هذه النسبة نتيجة للفوائد المتراكمة على الدّٙين الأصلي وهي الآن مجمّٙدة عند هذه النسبة بعد طلبات متكررة استجاب لها أمير الكويت مشكورااا.
أما باقي الديون فهي نتيجةُ سياسات أقل ما يقال عنها هو أنها أنهكت وسٙتُنهك كواهل كل الموريتانيين..
السؤال الذي لزِم طرحه هنا هو أين ذهبت هذه الديون وفي ماذا صُرفت وأين هي من نسبة البطالة التي وصلت إلى أكثر من 32٪، ولماذا لم تستخدم في معالجة أو تحسين قطاعات الدولة المختلفة وخاصة الأساسية منها..
قطاع الصحة مثلا..
يعاني قطاع الصحة من نقص حاد في الأطباء فالطبيب الواحد يشخص ما لا يٙقِلُ عن 100 مريض يوميا مما يعود سلبا على المريض الذي لن يحصل على الوقت الكافي لتشخيص مرضه.
بعد التشخيص الخاطئ يتوجه المريض إلى المختبر الطبي المُجٙهز بأجهزة رديئة ومعطلة في أغلب الأحيان وبالتالي ستكون نتيجة التحاليل في طبيعة الحال خاطئةً أيضا، هذا ناهيك عن الأدوية المزورة والمغشوشة وغلاء أدوية الأمراض المزمنة وسيارات الإسعاف المعطلة غالبا والغير مجهزة والتي لن تُقِلٙك وأنت على حافة الهلاك قبل أن تدفع لها ضريبة النقل التي تصل في بعض المقاطعات إلى 125000 أوقية، كل هذا إضافة إلى المستشفيات التي تُبنٙى بطريقة عشوائية وغير مدروسة من حيث المكان والكثافة السكانية، مستشفى أمراض القلب مثلا تم بناؤه على طريق المطار الجديد قُرب الجامعة الجديدة، أخبروني بالله عليكم إذا أُصيبٙ أحدُ سكان مقاطعة توجنين أو عرفات أو دار النعيم لا قدّٙر الله وهم الأكثر كثافة سكانية بنوبة قلبية هل سيصل المستشفى وهو على قيد الحياة، شخصيا لا أظن ذلك.
ولا يقِل قطاع التعليم أيضا عن قطاع الصحة فساداً ففي السواد الأعظم من المدارس لا توجد مقاعدُ يجلس عليها الطلاب، إضافة إلى غياب البحث العلمي في الجامعات أو بالأحرى في الجامعة، وكذلك تدٙني رواتب الأساتذة والمعلمين...إلخ
قطاع النقل مثلا..
أزمة النقل هي أزمة وجود في الأساس خاصة النقل داخل المدن.
قطاعي الصيد والمناجم..
كل ما نعرفه عن قطاعي الصيد والمناجم هو أن الأسماك أخذتها جمهورية الصين الشعبية و الحديد الله وحده يعلم من أخذه..
أما المداخيل التي نحصل عليها من حوزتنا الجوية والمتمثلة في الضرائب المفروضة على الطائرات التي تٙعْبُر غلافنا الجوي أو التي تهبط على مطارنا اليتيم فهي تذهب إلى فرنسا عن طريق شركة أمن الملاحة الجوية Asecna..
كل هذا إضافة إلى إنخفاض مستوى الأوقية مقابل الأورو والدولار ما سينتج عنه إرتفاع في الأسعار سيعصف بجيوب الفقراء من هذا الشعب المسكين الذين بلغت نسبتهم 46٪ في إحصائيات لو أُجريٙت بشكل أكثر دقةً لوصلت إلى أكثر من ذلك..
إخوتي الكرام إلى أين تتجه بلادنا وفي أي مسار تسير وأين ذهبت مواردنا وماذا سنفعل مع هذه الديون وأين معارضتنا ولمذا لا تتطرق لمثل هذه الأمور وهل هذه هي معالم جمهوريتنا الثالثة؟؟؟
سيدي محمد ولد عبدو ولد الإمام